إن الازدواجية التي تتسم بها التضحية هي ذات جذور عميقة، فهي من حيث الشكل تعيد تهذيب العلاقة الاجتماعية فترسم المسافات وتحدد الحدود بشكل غير متناه وأساسي بين المجموعات فالأضحية هنا هي ذات دور ضروري ملزم. لذلك شدد كل من موس و هوبير سنة 1899 على أهمية الأضحية الدينية، فهي من جهة تعمل على تعزيز التحالف بين الآلهات وتكشف في المقابل على المسافات الموجودة بين اللاهوت وبين البشر، ومن جهة أخرى هي تضبط العلاقة المنبثقة عن هذا الفعل. إن نص «مقال في الهبة» هو أول من تنبه بشكل مركز الى عملية الذهاب والإياب التي تحصل أثناء التبادل وذلك بغرض التخلص من الأشياء الشخصية (قد تكون عينية أو إنسانية) سواء أثناء عملية العطاء أو الأخذ أو الرد (في «مقال في الهبة» ترتبط عملية المبادلة بالتعويض المتناظر)(Mauss, 1999 :212) . إن ذلك يبدوا واضحا حسب موس خصوصا في مثال الثأر vendetta la أو أثناء وصفه للبوتلاتش potlatch ، سيمل من جهته لم يشذ عن هذا الفهم فلقد أوضح هو الآخر لكن بشكل غير مباشر، أهمية الأضحية في بناء العلاقات الاجتماعية خصوصا عندما تناول مصطلح المبادلات ذات الصلة بفلسفة النقد، فهو يقول في هذا الشأن أن معنى المبادلات هو أن «يملك الشخص حاليا ما لم يكن يملكه من ذي قبل، لكن يخسر بذلك ما كان يملكه من قبل»(Simmel, 1900,
- 61) . في الواقع إن الخط الاستدلالي لدى كلا الباحثين لم يكن جد دقيق فالمسارات السوسيو ثقافية تعرف جميعها وبالبداهة نوع من المبادلات أثناء تشكلها، فمن الغريب إذن أن يحصرها موس في قبائل الكولا التربريوندي أو يحجزها سيمل في المبادلات الاقتصادية التي لا يرى سواها في مجتمعاتنا المعاصرة وينظر للتضحية على أنها المعيار الوحيد للقيمة .
|
Définition
|