يقول موس: «سواء تعلق الأمر بوصف المجتمعات أو بالوعي المشترك أو بالأشياء السيكولوجية المرتبطة بالحياة الاجتماعية، فإن كل ذلك إنما هو مرتبط بالضمير الجمعي»(Mauss, 1927 :202-203) . إن «الإحساس والتصرف والحياة والعيش مع جميع الأجساد وجميع الأرواح وجميع أولئك البشر. (يدل على أن القضية هي -بتصرف-) قضية الجميع»(ص، 103). إن «ما ينبغي وصفه هو ما نراه كل يوم إنه الكل الاجتماعي الذي يضم جميع الأفراد الذين هم بدورهم عبارة عن ذلك الكل»(ص، 214 ). تلك السيكولوجية الاجتماعية يجب أن تكون قادرة على متابعة «نشوء وتطور الموصفات المجتمعية» وذلك بأخذ بعض الأجزاء منها(Mauss, 1934 :349) . وبذلك يصبح «المسلسل الاجتماعي أكثر وضوحا (...) (ومتجليا في-بتصرف)الضمير»(ص، 239).
إن آلام الضمير ذات الأصل الجمعي هي من تقف وراء استشعار الفرد بالأذى، والأفكار الناجمة عنها إنما هي أفكار تتولد تحت ضغط المجموعات الاجتماعية والدليل على ذلك أن الفرد لا يجد عافيته إلا إذا قام بالتعاويذ والتعازيم l’exorcisme النافعة،(هذا مظهر من مظاهر تجليات المانا-من طرفي-) أي بمعنى الرجوع الى المجموعة في العلاج. بناء على ذلك يمكننا استخلاص النتائج الخاصة بالسيكولوجية الجماعية، فالحالات الخاصة بالضمير الفردي هي حالات لها أصل في حياة المجموعة الاجتماعية، بتعبير آخر فإن مضمون الضمير يعبر على انتساب الفرد الى المجتمع، لذلك ينبغي أن ينظر إليه على أنه «كتلة شاملة واحدة ذات علاقة بالأجسام» (Mauss, 1924 :292) .
إننا لا نجد «في واقع الأمر(يقول موس)ضمن علومنا ولا في علم الاجتماع (...) تجزئة الإنسان الى مجموعة من الإمكانيات الموزعة، لذلك نحن معنيين بجسمه مثلما نحن معنيين بعقليته بشكل شامل فهو عبارة عن معطى كلي يتشابك في عمقه الجسد والروح والمجتمع ككل (...) أي ما أقترح تسميته هنا باسم الظواهر الكلية التي لا تنشأ ضمن الجموع فقط، إنما تتشكل أيضا من جميع الأشخاص ومن جميع الأفراد ومن التلاحم الأخلاقي والاجتماعي والعقلي وبالأخص الجسدي والمادي»(Mauss, 1923 :281) .
في ملاحظة كيفية اجتماع الأشخاص والأشياء والمعرفة والتقنيات بشكل خاص ليشكلوا الكيان الاجتماعي اقترح موس لذلك «وسطاء» يعملون بفعالية على إنتاج اللحمة المجتمعية في صورتها الكلية نذكر من ذلك السحر )موجز نظرية عامة للسحر(، والزعماء والثروات والأرواح والعائلة والقبيلة والأقنعة والشخصيات والمكانات والهبة والقتال )مقال في الهبة(،حول هذا الموضوع يقول موس: «توجد بين الظواهر الاجتماعية أكثر التشابهات غرابةً. فالعادات والأفكار تطلق جذورها في كل الاتجاهات. وإنّه لمن الخطأ إهمال هذه الترابطات العميقة التي لا حصر لها»(Mauss 1969 :215) .