لقد أكد كل من موس وهويبر أن التضحية لا تتعلق بالمبادلات وحسب حيث يراعي كل طرف فيها حساباته الخاصة بل هي تعبر عن حالة من «الغليان المستمر» للمجتمعات وحاجتها المستمرة لتجسيد العلاقة الإنسانية، نفس الملاحظة نجدها عند سيمل في دراسته لفلسفة النقد. فهو يرى بأن القيمة ترتبط أبدا بالتضحية المبدئية فهي من تدفع بالأفعال المتناظرة نحو الشروع في ممارسة التبادل (Wechselwirkungen) فلا معنى بذلك لوجود ذاك النشاط من دون ذلك الترابط . يفهم من ذلك أن جميع العلاقات إنما هي ذات خلفية قيمية، فالقيم إن شئنا هي روابط، في هذا الشأن كتب سيمل قائلا: أن «القيمة بالنسبة لنا هي نتيجة لمسار التضحيات وبالتالي فهي تكشف عن الثراء اللامتناهي لحياتنا» (Simmel, 1900 :64) في نفس الإطار اعتبر موس القيمة بوصفها أداة رابطة على أنها تمثل الحجة البالغة في بلورة المبادلات. فلقد أوضح كيف أن الظواهر الخاصة بالإنفاق ذو الطابع الفخري «dépense ostentatoire» تسهم في التعاطف وفي المعاملة اللينة مع قبائل الاسكيمو وسائر صنوفها الاجتماعية مثلما هي مناسبة سانحة لتعزيز التفاهم داخل تلك القبائل والتوائم مع محيطها الخارجي. إن الإنفاق النبيل والإنفاق الفني السخي يتعديان بدورهما الصور والمظاهر المتعددة التي يبدوان بهما. فالتضحية هنا تعمد الى إنشاء الروابط الدينية، لذلك فإن الدين la religion ليس في حقيقة أمره سوى ذلك الرابط Religio، الذي يقول عنه موس في نصه «مقال في الهبة» «أن الغرض من الدين هو إنشاء الروابط التي تعبر عن مختلف القيم الممكنة»(بتصرف).
|
Définition
|