الانتحار

Définition (ar) 1.

Mokhtar Meroufel	La(es) source(s)

[[Définition::إن الاهتمام بالانتحار عند دوركايم، بدأ في الواقع مع نهاية أطروحته التي أشار فيها إلى كيفية تزامن فعل الانتحار المتنامي مع ظهور الحضارة الحديثة، لكن التناول الكامل والمفصل للموضوع كان مع كتاب الانتحار، حيث اعتمد فيه على المعطيات الإحصائية بشكل مكثف، لقد تقرر لديه أن الانتحار هو مشكل إنساني بحت يرتبط بالدرجة الأولى بمسألة التنشئة الاجتماعية وبقضية الاندماج، فالمجتمعات التقليدية التي تعرف حالة دمج مكثف وإخضاع كامل لأفرادها، فإن نوع الانتحار فيها عادة ما يكون قدريا أو غيريا، بينما المجتمعات الحديثة التي تعاني، من ضعف التنشئة والإدماج الاجتماعي فإن نوع الانتحار فيها يكون لا معياري Anomique أو أناني. اللافت هنا أن الدين لم يظهر عند دوركايم، كأداة من أدوات التحليل الرئيسة في كتاب الانتحار فعدم توفر المعطيات الإحصائية في هذا الباب جعله يتجنب الاعتماد عليه، إلا أن ذلك لم يمنعه من التحدث عن الدين في شكل سلسلة من الارتباطات، يضعها بين الانتحار وبين الانتماء الديني، فالبروتستنت بحسبه هم أكثر انتحار من الكاثوليك والكاثوليك بدورهم أكثر انتحار من اليهود، لكن هذا لا يعود إلى الضوابط الدينية والأخلاقية إنما يعود إلى الأشكال المختلفة لتنشئة، فالبروتستانتي يتصف بالنزعة الفردانية مقابل اليهودي الذي يعتمد على الحياة ضمن المعازل ghettos les المحافظة على روح الطائفية. إن نموذج التنشئة القائم على الدين والأخلاق، يعمل على حماية الناس من الانتحار فكلما كان الدين مسؤولا على تأسيس الطائفة، كلما كان الناس في مأمن من الانتحار والعكس صحيح، فكلما كان الشعور بالانتماء الديني ضعيفا، كلما كانت حظوظ الانتحار حاضرة بقوة. إن إحصاءات دوركايم تؤكد على أن الانتحار، يرتفع كلما اتسع نطاق الحضارة والحداثة وتراجع صوت الدين وانخفض، ″لقد فقد الدين قسم كبير من إمبراطوريته وحل محله الاقتصاد والصناعة ما أدى إلى اتساع رقعة اللامعيارية في المجتمع″ (2841991:[1893]Durkheim]], ) . إن هذا الربط الذي يجمع بين الحداثة وبين الانتحار يمكن ملاحظته في اكتساح نزعة الفردنة التي حولت المجتمع إلى كيان هش تطوقه حالة عدم المعيارية وهذا صريح وواضح في المجتمع الحديث، فلو التفتنا على سبيل المثال إلى المجتمعات البدائية، فإننا لا نجد ذلك إلا ناذرا اللهم إلا إذا كان فعلا جماعيا وعليه فإذا كان الانتحار يطرح مشكلا اليوم، فلأن ذلك راجع إلى الحداثة التي طورت شكلا جديدا من الدين، فنزعت القيم الماورائية السامية من مكانتها وألبستها بذات الإنسان(Durkheim, 1987: 264-265-270-272-381) . في النص العربي نجد تنوعا من حيث إعادة ترجمة مصطلحات دوركايم المتعلقة بمفهوم الانتحار، فهناك من يستعمل مفهوم انتحار الوحدانية أو العزلة الاجتماعية، تعبير منه على مفهوم الانتحار الأناني le suicide égoïste ومفهوم انتحار التضحية في سبيل الآخرين، والذي يطلق عليه البعض اسم الانتحار الإيثاري أو الغيري أو الآخَري، قاصدا بذلك le suicide altruiste ومفهوم الانتحار التفسخ الاجتماعي أو اللامعياري أو بكل بساطة الآنومي الذي يراد به le suicide anomique: أنظر بعض ما جاء في هذه الترجمات عند الحسن،إحسان محمد, رواد الفكر الاجتماعي، ومحمد علي محمد، تاريخ علم الاجتماع. انظر كذلك في ذات الشأن معتوق جمال، ″قراءة سوسيولوجية لظاهرة الانتحار في الجزائر″ .

Définition