الدين
Mokhtar Meroufel | La(es) source(s) |
---|
لنؤكد في البداية أن التعريف المبدئي لدين عند دوركايم، ″يتضمن في ذاته كل العناصر التي تؤدي إلى انبثاق مختلف تمظهرات الحياة الاجتماعية. إذ انحدر العلم والشعر من الأساطير والحكايات؛ وانحدرت الفنون التشكيلية من الزخارف الدينية وحفلات القداس؛ وخرج القانون والأخلاق من رحم الممارسة الطقوسية. فلا أحد يستطيع فهم تصورنا للعالم وتصوراتنا الفلسفية للروح والخلود والحياة، إن لم يكن على دراية بالمعتقدات الدينية التي تمثل صورها الأولية″ ( La Capra D., 2001: 236) . هذا من الناحية النظرية أما من الناحية العملية، فإن تعريف دوركايم لدين بالأخص ذاك الذي قدمه سنة 1912 لا ينطوي على أي إشارة من الإشارات التي تؤكد على ضرورة الالتزام بالتكاليف الدينية، لقد استبدل ذلك بفكرة المقدس لتقوم مقام الدين.
فالمقدس هنا هو أداة عازلة ومانعة تواجه بشكل مطلق كل ما هو دنيوي. (63 Durkheim, [[Définition::[1912] 1968:) إنه يتناقض بذلك مع كل ما هو دنيوي وليس كل ما هو ديني ذلك لأن الأخير″لا تتجاوز حدوده الطائفة والجماعة الأخلاقية الممثلة في الكنيسة وفي كل من ينتمي إليها″(65 Durkheim]], [[Définition::[1912] 1968:) . لقد اختار دوركايم دائرة المقدس حتى تشمل ″جميع أشكال الإيمان الديني المعروفة، بسيطة كانت أو معقدة فهي تحمل خاصية مشتركة: إنها تقتضي تنظيم الأمور الواقعية أو المثالية التي يتصورها الإنسان في نظامين متقابلين يطلق عليهما عادة اسمين مختلفين، هما المقدس والدنيوي″. لهذا السبب تعمد دوركايم في دراسته للاهوت أن يقارنه بالبوذية وبالجاينية jainisme ، متجاهلا بذلك المقاربة المعرفية التي كل همها هو التركيز على احترام التقاليد التوحيدية، مستبدلا إياها بالمقاربة الأنثروبولوجية الخالصة التي اعتمدها كأداة تحليلية وتفسيرية لهذا الحقل، من هنا نجده أثناء تحديده وتعريفه لمفهوم الدين حريص على أن لا يختلط ذلك بمفهوم السحر (:58-591968[1912]Durkheim]], [[Définition::) فهذا الأخير لا يعدوا أن يكون مجرد نشاط فردي يتواصل فيه الساحر فقط، مع مجموعة محددة من الزبائن بينما المعتقدات الدينية فلها طوائف وأتباع بأعداد واسعة، يقول دوركايم في كلمة مشهورة له: ″لا توجد كنيسة للسحر″(:611968[1912]Durkheim]], ) . إن منح دوركايم للمقدس صفة أولية ذات أسبقية تتجاوز الدين نفسه، ألهم كتابات واسعة في القرن العشرين، لتتخذ منه عنوان رئيسا لمنتجاتها الفكرية. إن أهمية التعريف الذي قدمه دوركايم لدين سنة 1912، تكمن في قيمته الظرفية فهو جاء ليرد على متطلبات وقته وزمانه، لا ننسى هنا أن هذا التعريف جاء في سياق كان فيه التيار البنيوي يعرف انتشارا واسعا، خصوصا مع دو سوسير Saussure De، لذلك كان تعريف سنة 1912 متوازنا مع متطلبات هذا التيار. في سياق الكتابات العربية المهتمة بالسوسيولوجيا الدوركايمية، وبالأخص في جزئية الدين فهي تتطابق تماما بحسب ما قرئنا، مع ما أوردناه وضمناه من معاني في هذا الشأن، نذكر على سبيل الإشارة هنا ما كتبه الباحث المغربي حسن أحجيج من مقال تحت عنوان العقل والدين: بحث في الأصول الدينية للعقل عند دوركهايم، إذ يقول الكاتب في هذا الموضوع ″يؤكد دوركهايم على أن التمثلات الدينية تمثلات جمعية، وأن جوهر الديني هو التمييز القائم بين المقدس والدنيوي. فهذا التمييز يوجد في كل ديانات العالم؛ كما أن المقدس، هذا الكائن الجمعي واللاشخصي والمفارق، يمثل المجتمع نفسه. وعلى الصعيد الثاني، يبرهن دوركهايم على أن المجتمع هو مصدر الأفكار الأساسية الضرورية لكل فكر منطقي. ذلك، أن الحياة الاجتماعية هي التي تخول للفرد اكتساب مقولات الفهم، كالزمن والمكان والعدد، إلخ، والمفاهيم الضرورية للفكر المنطقي″ . |
Définition |
---|