الطوطم
Mokhtar Meroufel | La(es) source(s) |
---|
تقول الرواية الاثنوغرافية في تعرفها لمفهوم الطوطم، ″أنه عبارة عن مجموعة من العقائد والطقوس تدور حول عالم موحد، إذ يعتقد البدائي الاسترالي أن العالم -كما يفهمه- قد تكون في عصور قديمة عن طريق كائنات مقدسة، يطلق عليها اصطلاح طوطم ويشمل الطوطم الواحد أحد مظاهر الطبيعة المحيطة، فمثلا يوجد الطوطم الكنجارو وهو يمثل جميع أفراد ذلك الحيوان وقد يمثل الطوطم نباتا معينا أو ظاهرة مناخية مثل طوطم المطر أو طوطم الجو الحار وقد لوحظ أن تلك الطواطم تمثل ظواهر مهمة بالنسبة لحياة القبيلة واستمرارها، ويعتقد الإنسان الاسترالي أن الإنسان يعتمد في معيشته علي ظواهر الطبيعة سواء أكانت تتابع الفصول أو تكاثر الحيوانات أو نمو النبات أو تكاثر الإنسان. إن استمرار تلك الظواهر معناه استمرار حياة الإنسان وبالتالي استمرار المجتمع ذاته، ويعتقد كذلك أنه يستطيع أن يضمن استمرار تلك الظواهر عن طريق طقوس معينة″.(نهرو طنطاوى،2010)
كيف استهل دوركايم بحثه في هذا الموضوع؟ إن أول ما بدأ به دوركايم مشواره العلمي هو دراسته لمجموعة من الحالات الاجتماعية والتي كانت الطوطمية جزء منها، لقد انصب اهتمامه على القبائل Aborigèneبالأخص منهم Aranda وArunt فكتب في ذات الموضوع عدة مقالات نذكر منها بحثه l’origine de l’incesteالذي نشر في مجلة الحولية السوسيولوجية ومقاله ″Sur le totem″ الذي نشر في نفس المجلة سنة 1901-1902 ومقاله كذلك ″Leçon sur l’origine de la vie religieuse″ الذي ظهر في مجلة الفلسفة سنة 1907. لقد توصل من خلال ذلك كله أن ″الطوطم هو راية العشيرة″( Durkheim, [[Définition::[1912] 1968 :315-341) وهو شكل أولي من أشكالا الحياة الدينية، لكن في ذات الوقت هو عبارة عن فعل رمزي يترجم في″التمثالات التي تظهر في صورة نبات أو حيوان، إنه عبارة عن علامات ورموز تستحوذ على فكرة الوَلاَية في الظاهرة الطوطمية، إنه من بين هذه الأشياء كلها ينبثق التدين″. إن أطروحة دوركايم الأساسية حول الطوطمية تقول أن ديانة الطوطم تصنف ضمن إثنولوجية الديانات البدائية وتتناقض بشكل كلي مع الأوساط الدينية ذات المركزية الغربية الغير المعترفة بالخيار البدائي والتي تؤكد على أن دراسة الدين ينبغي أن يعتمد فيها على دراسة الحالات البارزة وليست الخافتة، لكن ألا يعد ذلك حكما مسبقا يفرق بين ما هو كلاسيكي وبين ما هو بدائي؟. في الواقع إن موضوع الطوطمية كما تعرض إليه دوركايم، يعيد النظر والتساؤل في العلوم الدينية التي اعتادت على وضع الظواهر إما في خانة البعد الكوني Cosmique أو في خانة النزعة الطبيعية Animisme البدائية، لقد اختار دوركايم من بين هاذين الاتجاهين أن ينسب الأفعال الدينية إلى الأصل الاجتماعي، فتوصل بذلك الى نتيجة مفادها أن الطوطمية لا تتمتع بشكل كامل بالمواصفات الكونية، ولا هي في ذات الوقت بالبدائية الخالصة كما أنها تحظى بالمكانة التاريخية. لقد حث دوركايم بذلك موس فكتب له قائلا ″إن تجديد العلوم الدينية يأتي بفضل الرجوع إلى الديانات البدائية″(258C.Tarot]], 1999:) ما يعني أن التقدم في الإدراك الصحيح والسليم لديانات الكبرى المعروفة يقتضي ضرورة الحفر في الجذور. إن فهم الطوطمية يمر حسب دوركايم، عبر قطع الطريق على المنهج التطوري وإعادة تركيب فكر وممارسة الأهالي في إطار شامل وكلي، بحيث تتحول معه الظاهرة الطوطمية إلى نسق وذلك شريطة أن يعاد بنائها والإلمام بجميع تفاصيلها. إن هذه المنهجية هي الأكثر تناسبا مع المبدأ السوسيولوجي حيث تمكن من تفسير الحدث الاجتماعي بأحداث أخرى معتمدة في ذلك على المجموعات أو التنظيمات، وليس فقط الاكتفاء بإشارات معزولة أو مجردة. إن الكتابات العربية في هذا المجال وهي تتحدث عن مفهوم الطوطم ومغزاه عند إميل دوركايم لم تخرج عن السياق الذي أوردناه، فالكاتب عاطف وصفي مثلا كتب عن الموضوع قائلا: ″قد أكد (دوركايم) الوظيفة الاجتماعية للدين عامة وللنظم الطوطمية خاصة بأنها تأكيد التماسك والوحدة والتعاون بين أفراد القبيلة الواحدة ويترتب علي ذلك استمرار البناء الاجتماعي″.. انتهي. (عاطف وصفي،1971 :235، 233) . في ذات المعنى يقول الدكتور عبد الحميد لطفي: ″النظم الدينية موجودة في كل المجتمعات الإنسانية لأنها تسد حاجات اجتماعية مهمة، فالدين يدفع الأفراد إلي تغليب مصلحة الجماعة علي مصلحة الفرد، كما يساعد على تكامل شخصية الفرد وتقوية روحه المعنوية فيدفع عنه الخوف ويحيي فيه الأمل بما يبثه فيه من قوي خارقة تتمثل في قوة الإله الذي يقدر على مساعدته..وللنظم الدينية دور مهم في تكامل المجتمع عن طريق شعائره التي تؤدي وظيفة العاطفة الجماعية المشتركة، والتي تذكر الفرد وهو غارق في حياته المادية وأنانيته وشحه بولائه لجماعته ولقيمها العليا″ انتهي. (عبدالحميد لطفي،1977 :73) . |
Définition |
---|